عائلة سليم البرغوثي عائلة فلسطينية بجدارة

عائلة سليم البرغوثي
عائلة فلسطينية بجدارة






رام
الله- تحقيق
خاص










بينما
كان العالم يحتفل بحلول العام الرابع من الألفية الثالثة وسط
صرخات الفرح والألعاب النارية التي انطلقت في كل مكان، كانت
عائلة سليم سليمان البرغوثي من قرية دير غسانة شمال رام الله
تودع عاما من الحزن والمعاناة التي لا تنتهي وتستقبل عاما
جديدا وسط الأمل بعودة المغيبين في السجون، وألم فراق الأحبة
الذين رحلوا شهداء وبقيت ذكرياتهم.






فعائلة
البرغوثي يحدوها الأمل بالإفراج عن ابنها لورنس الموجود في
سجون الاحتلال منذ ما يقارب عامين، وبانتهاء معاناتها التي
تسعى قوات الاحتلال إبقاء العائلة فيها من خلال الاقتحام
المتكرر لمنزلهم، وسط الألم الذي لا ينتهي بعد استشهاد ولدها
لؤي الذي كان أحد عناصر المقاومة البارزة في القرية.







العناء والوصول



جلسنا
طويلا في سيارة "التكسي" صباح الاثنين الماضي في انتظار حضور
الركاب العائدين إلى قرى بيت ريما ودير غسانة والنبي صالح
المتجاورة والتي يستقل سكانها ذات السيارات.






بعد
انتظار طال انطلقت السيارة في الحادية عشر صباحا متجهة إلى بيت
ريما عبر حاجز سردا الذي فتحته قوات الاحتلال مؤخرا، ليقطع
طريقنا على مسافة ليست بالبعيدة عنه حاجز عطارة العسكري، ومنه
إلى حاجز مستوطنة "حلميش" المقام على مداخل هذه القرى.






بعد
ذلك كله تمكننا من الوصول إلى قرية دير غسانة التي تبعد ما
يقارب الثلاثين كيلو مترا عن مدينة رام الله لنجد في انتظارنا
عائلة طيبة بسيطة رحبت بنا والتف معظم أفرادها حولنا لتبادل
أطراف الحديث.







العائلة تروي معاناتها



سارت
بنا السيارة قليلا عند مشارف قرية دير غسانة ليخبرنا السائق أن
ذلك المنزل الصغير المكون من طابقين أسفله بقالة صغيرة هو منزل
عائلة البرغوثي الذي حضرنا من رام الله لمقابلتهم.






ما أن
بدأ حديثنا الذي انعقد في حديقة المنزل وسط دفئ شمس الشتاء،
حتى حضرت أصغر أفراد العائلة الطفلة لورين 11 عشر عاما وقطعت
كلامنا لتخبرنا ماذا تتذكر من العامين المنصرمين، ذلك اليوم
الذي اعتقل فيه أخاها لورنس:"لا يمكن أن أنسى ذلك الجندي
الحاقد صاحب الوجه المدور الذي حضر لاعتقال أخي لورنس من
منزلنا، وصرخ عليّ
بصوت مرتفع جدا يأمرني
بالدخول إلى دكان والدي الكائن تحت المنزل
وأتبعني بقنبلة صوتية أصمّت سمعي، فأصبت حينها بالرعب وبالهلع
الشديد وبدأت أبكي بشدة ولم أدر ما أفعل".






تضيف
الطفلة لورين نظرت إلى والدي الذي كان يجلس بالقرب من باب
البقالة، وإذا بخمسة جنود ألقوه أرضا وشرعوا في ضربه وتقيديه،
بينما قام جنود آخرون باقتحام المنزل الذي لا توجد به سوى
والدتي وأخي لورنس الذي حضر لتوه إلى المنزل خلسة لتناول طعام
الغداء مع والدته التي لم تره من عام تقريبا.






يضيف
الوالد سليم البرغوثي 60 عاما تسبب هجوم جنود الوحدات الخاصة
الذين اقتحموا المنزل وانهالوا علي
ضرباً تسبب بألمٍ دائم في ظهري ،
اقتحموا المنزل بطريقة وحشية، لم يفرقوا بين طفل وشاب وامرأة.







اقتادوا ولدي الثالث لورنس مقيد اليدين ومعصوب العينين إلى أحد
ناقلات الجند التي حضرت لاحقا لمساندة جنود القوة الخاصة الذي
تسللوا أولا متخفين بسيارة فلسطينية، نجحوا بمساعدة بعض
العملاء في القرية في اعتقال لورنس بعد مطاردة استمرت سنتين.







اعتقال الأبناء



لم تكن
هذه الحادثة بداية المعاناة التي تعيشها عائلة البرغوثي، بل
كانت عقب اقتحام قوات الاحتلال لقرى بني زيد الغربية التي كانت
تابعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية، لتقوم قوات الاحتلال بفرض
سيطرتها عليها من جديد مدة من الوقت ثم تنسحب منها. اقتحم جنود
الاحتلال المنزل بحجة البحث عن الشقيقين المطاردين لورنس ولؤي،
لكنهم فشلوا في العثور عليهما، فقاموا باعتقال الشقيقين
الأصفرين سليمان 24 عاما وعوض 19 عاما.






وبحجة
مساعدتهما لشقيقيهما المطاردين حكمت عليهما المحاكمة الصهيونية
بالسجن لمدة 24 وشهرا بتهمة تقديم المساعدة لرجال المقاومة
الذين يقومون بإطلاق النار على قوات الاحتلال.







استشهاد لؤي
وأسر لورنس



لم يمض
وقت طويل على اعتقال عوض وسليمان حتى تمكنت قوات الاحتلال بعد
قرابة أربعين يوما من قتل شقيقهم لؤي أحد أبرز ناشطي كتائب
شهداء الأقصى في القرية، بعد عملية توغل نفذتها قوات الاحتلال
تحت جنح الظلام أغارت فيها على معاقل المقاومين في 24/10/2001.






أبى
لورنس أن
تشيع جنازة أخيه الشهيد وهو متوارٍ
، وفعلاً خرج لؤي بسلاحه كاشفاً عن
وجهه في جنازة تشييع شقيقه الشهيد لؤي وأطلق الرصاص في الهواء
تعبيراً عن فخره بأخيه واعتزازه بالمقاومة والمقاومين.







مكنت
مشاركة لورنس في تشييع أخيه، مكنت
العملاء المتعاونين مع الدولة العبرية من رصد تحركاته، وصولا
إلى اعتقاله في نهاية المطاف في منزله بعد أن حضر يوما لرؤية
والدته وتناول طعام الغداء معها، لتقوم قوة خاصة باعتقاله من
منزله في عملية خاطفة.






سليمان
الأسير المحرر الذين تلقى نبأ استشهاد شقيقه لؤي في السجن
يقول: كان ذلك الخبر من أصعب الأخبار التي تلقيتها في حياتي،
خصوصا أن وضعي النفسي كان سيئا للغاية، وكنت أخضع بين الفينة
والأخرى لجولات تحقيق عنيفة وقاسية، لم يتسنى لي رؤية أخي الذي
لطالما أحببته
وعملت معه.








عائلة بلا أبناء



أصبحت
عائلة لورنس البرغوثي في مطلع ذلك العام المنصرم أسرة غاب عنها
أبناؤها الأربعة، شهيدٌ وثلاثة أسرى..



تقول
أم لورنس
"إن اعتقال
أبنائنا الثلاثة كان أكبر مصيبة حلت بنا بعد استشهاد لؤي، وقد
زادت هذه المعاناة بعد أن منعتنا سلطات الاحتلال من زيارة أي
منهم، لكنهم فيما بعد سمحوا لي فقط ولطفلتي الصغيرة لورين
بزيارتهما حيث تواجد ثلاثتهم في سجن
"مجدو"،
ولم يسمحوا لوالدهم بزيارتهم بحجة أنه يشكل خطرا أمنيا على
الدولة العبرية رغم أنه شيخ كبير".








عودة الحياة من جديد



وسط
هذه الظروف الصعبة عادت الحياة مجدداً إلى منزل عائلة البرغوثي
بعد قرار الإفراج عن عوض وسليمان في شهر آب الماضي مع أربعمائة
معتقل تم الإفراج عنهم، ليعود لي اثنين من الأسرى الثلاثة إلى
منزلهم من جديد.



من
جانبها ترى الوالدة أنه رغم إطلاق سراح ولديها إلا أن فرحتها
لم تكتمل، وأن انطلاق العام الجديد يذكرها بابنها المغيب خلف
قضبان الاحتلال والذي يفقد أي شعور بالسعادة والفرح، وترى أن
هذه الفرحة لا تكتمل إلا بخروج ولدها الأسير من السجن،
واستغلال تضحيات ودماء الشهداء بالشكل الأمثل.



ولعل
الأمنية الأجمل في حياة أم لورنس هو أن تحتفل بحلول العام
القادم مع أبنائها الثلاثة وأن يفرج عن جميع الأسرى
الفلسطينيين الذي يقبعون خلف قضبان الاحتلال والذين يربو عددهم
عن 7 آلاف معتقل.



وسط كل
هذه المعاناة، معاناة الأسر والشهادة تتذكر عائلة الحاج سليم
البرغوثي عامها الماضي، وتأمل في عام جديد أفضل يحمل لها شيئا
من الأفراح والبشائر التي حرمها منها في الأعوام الماضية.

الله يكون بعونهم يا رب على هالقسوة


مشكور عالموضوع خيو

يسلموووووووووووو

شكراً على مرور